|

زيارة الشرع "الضبابية" لواشنطن.. هل هي "حنكة" دبلوماسية لكسر العزلة أم "تفاوض بلا أوراق"؟

S24News
0

زيارة الشرع "الضبابية" لواشنطن.. هل هي "حنكة" دبلوماسية لكسر العزلة أم "تفاوض بلا أوراق"؟ - S11News

دخل الرئيس السوري أحمد الشرع التاريخ كأول رئيس سوري يزور البيت الأبيض، لكن المشهد في واشنطن، كما في دمشق، بقي "ضبابياً" ومفتوحاً على مصراعيه. فالزيارة التاريخية، ورغم كونها اختراقاً بروتوكولياً هائلاً، تحولت إلى ساحة لتجاذب السرديات بين مؤيدي الرئيس وخصومه، حيث يفسر كل طرف ما حدث على النحو الذي يتمناه.


بالنسبة لمريدي الشرع، كانت الزيارة دليلاً قاطعاً على "حنكته السياسية". يرى هؤلاء، وفقاً لمحللين، أن الرئيس نجح فيما فشل فيه آخرون لعقود: كسر عزلة سوريا الدولية. ويتم التسويق للزيارة على أنها نجاح ثلاثي الأبعاد: تعليق العقوبات الاقتصادية، ووضع البلاد تحت "عباءة الدولة الأقوى في العالم"، والأهم، "لجم العربدة الإسرائيلية" الدائمة في سوريا.


لكن على الضفة الأخرى، ينظر سوريون آخرون للزيارة بكثير من الريبة. فمن وجهة نظرهم، لم تُفضِ القمة إلى "نتائج ملموسة"؛ فالغموض الأمريكي لا يزال سيد الموقف، والعقوبات "عُلّقت" ولم "تُرفع"، وهو فارق جوهري يفضح، برأيهم، حدود ما تم تحقيقه.


هذا الانقسام في القراءة يعكس الواقع المركب للمشهد السوري. فبينما يركز فريق على الرمزية السياسية لكسر جدار واشنطن، يركز الفريق الآخر على التفاصيل الفنية (تعليق لا رفع) والبروتوكولية (الاستقبال البارد). كلا الطرفين يتجاهل أن الزيارة، على الأغلب، لم تكن سوى "بداية مسار" شاق، وليست نهايته.

 

خطوة تؤسس لمرحلة جديدة

إن مجرد حدوث الزيارة "ليس تفصيلاً"، بل هو تأسيس لمرحلة جديدة في علاقات عدائية هي بعمر سوريا نفسها. وذهب الشرع إلى واشنطن "على بصيرة واضحة"، مدركاً أن "الاشتباك مع الأمريكي سيضيع فرصة الاستقرار" التي يتوق إليها السوريون.


إن الأمان المنشود سيأتي عبر مسارين: المساهمة الفعالة مع واشنطن في محاربة الإرهاب، والاتكال عليها للوصول إلى تفاهمات أمنية تلجم إسرائيل.


حول بروتوكول الاستقبال "المريب" ودخول الشرع من باب جانبي، هو "تفصيل عادي". ونستشهد بما نقله المبعوث الأمريكي توم باراك من أن الرئيس ترامب مدد اللقاء من 20 دقيقة إلى ساعتين، نتيجة "احتفائه بنظيره السوري".


إن "حنكة" الشرع الذي أكد من قلب واشنطن أن التطبيع مع إسرائيل "غير وارد حالياً" بسبب الاحتلال، وهو ما يمكن اعتبره "مراوغة للإملاءات الأمريكية" دون إغضاب واشنطن، مع ترك الباب مفتوحاً للمرونة "حين تبادر إسرائيل لخطوات بناء الثقة".

ونخلص في النهاية أن الشرع نجح في إقناع واشنطن بأن "سوريا موحدة ومستقرة" أفضل للمنطقة من "كنتونات طائفية متصارعة".

 

تعليق العقوبات: اختبار بستة أشهر

اقتصادياً،  الزيارة نجحت في إقناع الكونغرس والمعنيين بقانون قيصر بضرورة "إعطاء الحكومة الجديدة الفرصة". بالإضافة إلى أن تعليق عقوبات قيصر لمدة ستة أشهر يضع دمشق تحت "الاختبار الفعلي".


هذه النقطة حاسمة، فالاقتصاد هو المفتاح. "التعليق" هو عصا وجزرة؛ فهو يسمح نظرياً بالاستثمار، لكنه عملياً يبقي الشركات العالمية "متحفظة وقلقة" خوفاً من عودة العقوبات بعد ستة أشهر. إن حملة المداهمات الأخيرة ضد خلايا "داعش" هي "باكورة تنفيذ الالتزامات" المطلوبة أمريكياً.

 

التفاوض بلا أوراق.. و"فتوى" وزير العدل

في المقابل، يرى بعض المحللون في قراءة نقدية حادة، أن الرئيس الشرع ذهب إلى البيت الأبيض "منزوعاً من أية أوراق قوة"، مهتماً بـ"تثبيت حكمه قبل أي اعتبار آخر". مشددين على أن تجاوز طريقة الاستقبال المهينة هو "عدم قدرة على قراءة المدلولات"، وكأن واشنطن تقول للشرع: "الاعتراف بشرعيتك لم يأتِ بعد". وبالإضافة أن قبول الشرع الانضمام للتحالف الدولي ضد "داعش" يحمل اعترافاً ضمنياً بدور "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، الشريك العملي لواشنطن.


لكن المشكلة الأكبر، تبقى داخلية بحتة. فكيف سيتعامل الشرع مع "ترتيب البيت الداخلي" ضمن هيئة تحرير الشام والفصائل الجهادية التي تخشى من هذه الوعود؟


 والختام هناك تساؤل مدوٍّ: "لا تزال الأسماع تردد صدى فتوى وزير العدل الحالي في حكومة الشرع، والذي أفتى بتكفير كل من ينضم لهذا التحالف لمحاربة أخيه المسلم... فكيف سيخرج الشرع من هذه الفتوى؟".

إرسال تعليق

0 تعليقات

مرحباً، من فضلك، لا ترسل رسائل عشوائية في التعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

باستخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية وشروط الاستخدام
Ok, Go it!
.